الاستبداد الجمهوري- صراع أبدي نحو الاستقرار السياسي الزائف
المؤلف: صدقة يحيى فاضل10.08.2025

من المأمول فيه أن يسلط هذا المقال الضوء على الأحداث الجارية في سوريا، وما يمكن أن يقع في دول عربية أخرى تشهد ظروفًا مشابهة. يؤكد علماء السياسة المتعمقون في دراسة الأنظمة السياسية أن الحكم الجمهوري الاستبدادي، لاسيما العسكري، لن يحقق "الاستقرار السياسي" المنشود لأي بلد يعاني منه على المدى الطويل. وما قد يبدو في ظل هذا النظام من "سكينة وأمان" ما هو إلا حالة عابرة، ولا يمكن وصفه بأي حال من الأحوال بأنه استقرار حقيقي راسخ ومستدام، بل هو بالأحرى عدم استقرار سياسي دفين، كامن، قد يتحول إلى عدم استقرار سياسي سافر وظاهر في أية لحظة. ويؤكد هؤلاء العلماء أن الضمانة الحقيقية لتحقيق الاستقرار السياسي المستدام تكمن في رضا أغلبية الشعب المحكوم عن الطريقة التي تدار بها شؤون بلادهم. وهذا الرضا لا يتحقق إلا من خلال نظام سياسي تمثيلي يضمن مشاركة المواطنين في إدارة شؤونهم العامة بطريقة أو بأخرى. وما شهدته سوريا على مدى نصف قرن من الزمان يؤكد صحة هذه الرؤية، بل وحقيقتها.
ومن المسلمات السياسية في الواقع العملي وجود صراع دائم، خفيًا كان أو علنيًا، بين الرئيس الجمهوري المستبد وشعبه، وغالبًا ما يحسم هذا الصراع الشعب أو الجيش، أو كلاهما معًا، مع استبعاد أي تدخل خارجي مؤثر. لذلك، لا يمكن تحقيق استقرار سياسي حقيقي ومستدام لأي بلد في ظل حكم رؤساء الجمهوريات الديكتاتوريين، وعلى وجه الخصوص العسكريين، باستثناء حالات نادرة للديكتاتوريين المصلحين. فالخلاف الجوهري والعميق بين الحاكم والمحكوم يؤدي إلى هذا الصراع الكامن في أغلب الأحيان، والذي قد يظهر جليًا في بعض الأحيان الأخرى، والذي غالبًا ما ينفجر ويتحول إلى مواجهة عنيفة، ينتج عنها اضطرابات وربما حروب أهلية، تفضي في نهاية المطاف إلى الإطاحة بالرئيس المستبد، وربما تغيير النظام السياسي برمته، شكلاً ومضمونًا.
ولكي يتم عزل أي رئيس جمهورية ديكتاتور، وتطوى صفحته، لا بد من هبة أو ثورة شعبية عارمة ضده، وهذا شرط أساسي في عملية التغيير السياسي. وقد تنجح هذه الانتفاضة في نهاية المطاف في إزاحة الرئيس وتغيير النظام إذا ما أيدها الجيش أو وقف على الحياد تجاهها، كما حدث في تونس عام 2011 كمثال. أما إذا انحاز الجيش إلى جانب الرئيس، فقد يسحق الانتفاضة الشعبية وينهي الصراع مؤقتًا لصالح الديكتاتور، كما حدث في سوريا مرارًا وتكرارًا قبل ديسمبر 2024. وقد يعجز الجيش عن قمع تلك الهبة، فيستمر الصراع وتتصاعد وتيرة الحرب الأهلية، وقد ينتشر القتل والدمار، ويعم الاضطراب والفوضى وعدم الاستقرار إلى أجل غير مسمى، حتى "ينتصر" أحد الأطراف ويسيطر على السلطة، كما هو الحال في الصومال.
في بعض الحالات الأخرى، قد يبادر بعض قادة الجيش، حتى في غياب انتفاضة شعبية واسعة النطاق، إلى الإطاحة بالرئيس المستبد والنظام القائم. وهنا نكون بصدد انقلاب على انقلاب، كما حدث في سوريا عام 1970، حيث يحل ديكتاتور محل آخر. وقد يستمرئ الانقلابيون هذا الوضع، فيتشبثون بالسلطة ويقيمون بذلك حكم قلة عسكرية مستبدة، وهو ما يحدث في الغالب. وقد يتنحى قائد الجيش الحاكم لصالح حكم مدني منتخب، كما تتطلع إليه الشعوب، فيدخل بذلك تاريخ بلاده كقائد وطني مخلص ومصلح. وهذا ما فعلته القلة العسكرية السودانية بقيادة المشير الراحل عبد الرحمن سوار الذهب عام 1985 إثر الانقلاب على الرئيس جعفر النميري.
بناء على ما سبق، يمكننا القول إن إزاحة رئيس الجمهورية الديكتاتور، الذي غالبًا ما يستولي على السلطة بطريقة غير شرعية، تتم بالإكراه وعبر مراحل وخطوات محددة. ونادرًا ما يتخلى الرئيس المستبد عن السلطة سلميًا، وبسلام وهدوء. وهناك دراسات وأبحاث علمية سياسية معتمدة حول الديكتاتورية وسلوكيات الديكتاتور تدرس في أقسام العلوم السياسية في أمريكا وغيرها، وأحيانًا تدرج ضمن ما يسمى بـ"علم النفس السياسي". ومن بين الاستنتاجات التي لا تحصى لهذه الدراسات أن الديكتاتور الجمهوري، وخاصة العسكري، يتمسك بالسلطة لأقصى حد ممكن، ويتظاهر بالديمقراطية، معتبرًا أن السيادة للشعب أصلاً وليست له أو لغيره، وأن المجتمع الدولي يرفض الاستبداد. وغالبًا ما يلتزم بالشكلية للتمويه، ولكنه يجمع بالفعل بين يديه السلطات الثلاث، إذ يهيمن تمامًا على الجهاز التنفيذي والقضاء، وغالبًا ما يكون لديه برلمان تشريعي صوري يأتمر بأمره.
ومن المسلمات السياسية في الواقع العملي وجود صراع دائم، خفيًا كان أو علنيًا، بين الرئيس الجمهوري المستبد وشعبه، وغالبًا ما يحسم هذا الصراع الشعب أو الجيش، أو كلاهما معًا، مع استبعاد أي تدخل خارجي مؤثر. لذلك، لا يمكن تحقيق استقرار سياسي حقيقي ومستدام لأي بلد في ظل حكم رؤساء الجمهوريات الديكتاتوريين، وعلى وجه الخصوص العسكريين، باستثناء حالات نادرة للديكتاتوريين المصلحين. فالخلاف الجوهري والعميق بين الحاكم والمحكوم يؤدي إلى هذا الصراع الكامن في أغلب الأحيان، والذي قد يظهر جليًا في بعض الأحيان الأخرى، والذي غالبًا ما ينفجر ويتحول إلى مواجهة عنيفة، ينتج عنها اضطرابات وربما حروب أهلية، تفضي في نهاية المطاف إلى الإطاحة بالرئيس المستبد، وربما تغيير النظام السياسي برمته، شكلاً ومضمونًا.
ولكي يتم عزل أي رئيس جمهورية ديكتاتور، وتطوى صفحته، لا بد من هبة أو ثورة شعبية عارمة ضده، وهذا شرط أساسي في عملية التغيير السياسي. وقد تنجح هذه الانتفاضة في نهاية المطاف في إزاحة الرئيس وتغيير النظام إذا ما أيدها الجيش أو وقف على الحياد تجاهها، كما حدث في تونس عام 2011 كمثال. أما إذا انحاز الجيش إلى جانب الرئيس، فقد يسحق الانتفاضة الشعبية وينهي الصراع مؤقتًا لصالح الديكتاتور، كما حدث في سوريا مرارًا وتكرارًا قبل ديسمبر 2024. وقد يعجز الجيش عن قمع تلك الهبة، فيستمر الصراع وتتصاعد وتيرة الحرب الأهلية، وقد ينتشر القتل والدمار، ويعم الاضطراب والفوضى وعدم الاستقرار إلى أجل غير مسمى، حتى "ينتصر" أحد الأطراف ويسيطر على السلطة، كما هو الحال في الصومال.
في بعض الحالات الأخرى، قد يبادر بعض قادة الجيش، حتى في غياب انتفاضة شعبية واسعة النطاق، إلى الإطاحة بالرئيس المستبد والنظام القائم. وهنا نكون بصدد انقلاب على انقلاب، كما حدث في سوريا عام 1970، حيث يحل ديكتاتور محل آخر. وقد يستمرئ الانقلابيون هذا الوضع، فيتشبثون بالسلطة ويقيمون بذلك حكم قلة عسكرية مستبدة، وهو ما يحدث في الغالب. وقد يتنحى قائد الجيش الحاكم لصالح حكم مدني منتخب، كما تتطلع إليه الشعوب، فيدخل بذلك تاريخ بلاده كقائد وطني مخلص ومصلح. وهذا ما فعلته القلة العسكرية السودانية بقيادة المشير الراحل عبد الرحمن سوار الذهب عام 1985 إثر الانقلاب على الرئيس جعفر النميري.
بناء على ما سبق، يمكننا القول إن إزاحة رئيس الجمهورية الديكتاتور، الذي غالبًا ما يستولي على السلطة بطريقة غير شرعية، تتم بالإكراه وعبر مراحل وخطوات محددة. ونادرًا ما يتخلى الرئيس المستبد عن السلطة سلميًا، وبسلام وهدوء. وهناك دراسات وأبحاث علمية سياسية معتمدة حول الديكتاتورية وسلوكيات الديكتاتور تدرس في أقسام العلوم السياسية في أمريكا وغيرها، وأحيانًا تدرج ضمن ما يسمى بـ"علم النفس السياسي". ومن بين الاستنتاجات التي لا تحصى لهذه الدراسات أن الديكتاتور الجمهوري، وخاصة العسكري، يتمسك بالسلطة لأقصى حد ممكن، ويتظاهر بالديمقراطية، معتبرًا أن السيادة للشعب أصلاً وليست له أو لغيره، وأن المجتمع الدولي يرفض الاستبداد. وغالبًا ما يلتزم بالشكلية للتمويه، ولكنه يجمع بالفعل بين يديه السلطات الثلاث، إذ يهيمن تمامًا على الجهاز التنفيذي والقضاء، وغالبًا ما يكون لديه برلمان تشريعي صوري يأتمر بأمره.